الذكاء الاصطناعي يقترب من المكاتب: نصف الوظائف مهددة في السنوات القادمة

الذكاء الاصطناعي يقترب من المكاتب

في ظل الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم، تتسارع خطوات الشركات الكبرى نحو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن مصير ملايين الوظائف، خاصة تلك المرتبطة بالمهن المكتبية والمجالات التي تتطلب مهارات تحليلية وذهنية عالية.

الرهان المتسارع على الذكاء الاصطناعي

تسير العديد من الشركات حول العالم نحو تقليص أعداد موظفيها، واستبدالهم بأنظمة الذكاء الاصطناعي، حتى قبل أن تتأكد من قدرة هذه التقنيات على تنفيذ المهام بكفاءة مستقلة. ويعتقد كثير من الرؤساء التنفيذيين أن التطور التقني المتسارع كفيل بتعويض الفجوة البشرية على المدى القريب.

ورغم أن بعض أدوات الذكاء الاصطناعي أثبتت فعاليتها في تعزيز إنتاجية الموظفين، إلا أن أداءها لا يزال محدوداً عند الاعتماد الكامل عليها، سواء من حيث الدقة أو الموثوقية أو الاستقلالية.

تحذيرات من فقدان واسع للوظائف

داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، أطلق تحذيراً صارخاً بشأن التأثير المحتمل لـالذكاء الاصطناعي على سوق العمل، متوقعاً أن تختفي نحو 50% من الوظائف المكتبية للمبتدئين خلال فترة لا تتجاوز خمس سنوات.

وأشار إلى أن ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى ما بين 10% و20%، مؤكداً أن ما نواجهه ليس مجرد تحول طبيعي، بل “مجزرة مهنية” قد تضرب قطاعات مثل المحاماة، والتمويل، والاستشارات، والتقنية، وغيرها من “المهن البيضاء” التي تعتمد على الفكر وليس الجهد البدني.

هل المبالغة تخدم مصالح المطورين؟

في المقابل، يرى بعض الخبراء والاقتصاديين أن هذه التحذيرات قد تكون مبالغاً فيها، مشيرين إلى أن التطورات التكنولوجية السابقة مثل الإنترنت والحواسيب رافقها ضجيج مشابه، دون أن تؤدي فعلياً إلى الانهيار الوظيفي المتوقع.

ويذهب آخرون إلى أن بعض قادة الشركات يسعون إلى تضخيم تأثير الذكاء الاصطناعي لأغراض استثمارية وتسويقية، خاصة في ما يتعلق بجذب التمويل وتبرير تقليص القوى العاملة.

مؤشرات واقعية على التغيير

دراسة حديثة من مؤسسة “أوكسفورد إيكونوميكس” كشفت عن مؤشرات مبكرة للتأثير الوظيفي، حيث ارتفعت معدلات البطالة بين الخريجين الجدد بشكل يفوق باقي الفئات. ففي الولايات المتحدة مثلاً، بلغ معدل البطالة بين حاملي شهادات البكالوريوس ممن تتراوح أعمارهم بين 22 و27 عاماً نحو 6%، مقارنة بـ4% فقط بين القوى العاملة العامة.

شركات تعيد حساباتها

رغم الحماس الأولي، بدأت بعض الشركات بالتراجع عن قرارات سابقة بالاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي. فشركة Klarna التي كانت من أوائل من أعلنوا تبني الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء، عادت لتوظيف أفراد بعد تلقي شكاوى من المستخدمين الذين فضلوا التعامل البشري.

كما أوضحت شركة IBM، التي توقعت سابقاً استبدال آلاف الموظفين، أنها فعلياً استبدلت بضع مئات فقط، وواصلت التوظيف في مجالات البرمجة والمبيعات.

هل نحن أمام ثورة أم مجرد موجة؟

عبر التاريخ، رافقت كل مرحلة تكنولوجية كبرى اضطرابات في سوق العمل، بدءاً من الثورة الصناعية، مروراً بأتمتة الإنتاج، ووصولاً إلى العولمة. لكن في كل مرة، خرجت الاقتصادات أقوى وبفرص وظيفية جديدة.

الاختلاف هذه المرة، وفق رأي بعض المحللين، يكمن في “سرعة التغيير” التي قد لا تمنح السوق الوقت الكافي للتكيف. لذلك، يدعو البعض لإعادة تصور سوق العمل، وربما تبني سياسات بديلة مثل “الدخل الأساسي الشامل”، لمواجهة التحديات القادمة.

By master

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *